في 26-8-1956 عقد في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية ندوة إذاعية حول خرائط الريس بيري، وإتفق الجغرافيون المشاركون فيها على أن خرائط الريس بيري لأمريكا هي اكتشاف خارق للعادة.
¤ فمن هو الريس بيري؟
هو القائد البحري الذي عرف في الأدب العثماني والغربي باسم بيري ريس، وقد شغل منصب قائد الأسطول المصري في العهد العثماني، وكان مقر قيادته في ميناء السويس.
ولد بيري في غاليبولي، وكانت هذه المركز الإداري للبحرية العثمانية، وإشترك مع عمه الريس كمال في الحروب العثمانية ضد البندقية في 1498م حتى 1502م ، وكان قبل ذلك بحارة يعمل لحسابه فيما سماه المستشرقون بالقرصنة، وسماه المسلمون بالمجاهدين الذين كانوا يغيرون على الإسبان الذين كانوا يحاربون مسلمي الأندلس وشمالي إفريقيا، وكان أهالي غرناطة قد طلبوا في عام 1486م من الدولة العثمانية النصرة على العدو الإسباني فإشترك الريس بيري في نصرتهم وتوجه في 1487م مع عمه كمال إلى غربي البحر الأبيض المتوسط، وصار يغير على العدو، وعندما إحتل الإسبان الأندلس أنقذ هؤلاء المجاهدون السفن التي تحمل الهاربين من الظلم الإسباني، ولما توفي كمال خلفه خير الدين بربروس فصار كبير القراصنة، واستولى على سفينة كبيرة للفرنسيين أهداها للسلطان العثماني وأرسلها مع الريس بيري فأعجب بها السلطان، كما جاهد بيري في سواحل الخليج العربي ضد البرتغاليين.
وكان مهندسا بارعا في رسم الخرائط، وقد خلف خريطتين هامتين أولاهما لإسبانيا وغربي إفريقيا والمحيط الأطلسي والسواحل الشرقية من الأمريكتين، وقدمها إلى السلطان سليم الأول في مصر عام 1517م، وهي الآن في متحف طوبقو في إستانبول -60 × 85 سم- وعليها توقيع الريس، والأخرى لسواحل المحيط الأطلسي من جرونلاند إلى فلوريدا -68×69سم- وهي الآن في متحف طوبقو بإستانبول أيضا.
والجدير بالذكر أن الخريطة الأولى التي رسمها الريس بيري لأمريكا هي أقدم خريطة لها، وعدت إكتشافا خارقا للعادة كما ذكرت آنفا.
وكان الريس بيري على معرفة بوجود أمريكا قبل إكتشافها، وقد سماها أنتيليا، أوهكذا كانت تسمى قبل إكتشافها.
ويقول بيري الريس في كتابه الذي صنفه في 1521م ثم وسعه وأضاف إليه في 1525م وقدمه إلى السلطان سليمان القانوني: إن بحر المغرب ويقصد به المحيط الأطلسي بحر عظيم يمتد بعرض 2000ميل تجاه الغرب من بوغاز سبتة، وفي طرف هذا البحر العظيم توجد قارة هي قارة أنتيليا.
وتعبيره -قارة أنتيليا- هي الدنيا الجديدة، أو أمريكا، وقد كتب الريس أن هذه القارة إكتشفت عام 870 / 1465م ولعله يشير إلى اكتشاف الفتية المغرورين لها الذين ورد ذكرهم في كتب الرحلات الإسلامية مثل مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، وكان ذلك قبل إكتشاف كولومبس لها بحوالي 27 سنة.
ومن الجدير بالذكر أن -رودريكو- خادم الريس كمال عم بيري الريس خدم كريستوفر كولمبس، وعندما أقنع هذا الملك فرديناند وزوجته إيزابيلا في إسبانيا على مساعدته على الوصول إلى الهند أرض التوابل من طريق الغرب وكان فيما يبدو يرغب في التأكد من المعلومات العثمانية التي نقلها إليه رودريكو أبحر معه رودريكو في المحيط الأطلسي، وعندما ثار البحارة الذين رافقوهما وخافوا أخطار المحيط المظلم أقنعهم رودريكو بصحة ما يقوله خريستوفر كولمبس، وذكر لهم أنه تعلم هذا من العلماء العثمانيين الذين كان يثق بهم ثقة مطلقة وقال: لابد أن تكون في هذه المياه أرض لأني تعلمت هذا في إستانبول، ومن الكتب البحرية العثمانية، وأثق أننا لابد أن نصل من هنا إلى الأرض التي نبحث عنها، ذلك لأن البحارة العثمانيين لا يقدمون معلومات خاطئة، وهم لا يكذبون.
وبعد ثلاثة أيام من هذا الحديث عثروا على الأرض المنشودة، وقد قال الراهب جزويتي مدير مركز الأرصاد في ويستون: خرائط الريس بيري صحيحة بدرجة مذهلة للعقل وهي تظهر بوضوح أماكن لم تكن قد إكتشفت حتى أيامه في القرن السادس عشر الميلادي، وقد رسم جبال أنتاركتيكا -القارة السادسة- بتفاصيلها فيما رسمه من خرائط مع أن هذه الجبال لم يكن أحد قد تمكن من إكتشافها إلا في عام 1952م أي في القرن العشرين، وبمقارنة صور الأرض التي التقطت من مركبات الفضاء في القرن العشرين بالخرائط التي رسمها القائد البحري العثماني في البدايات المبكرة للقرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي إتضح التشابه المذهل بين صور مركبات الفضاء وبين خرائط بيري.
الكاتب: زينب بيره جكلي.
المصدر: موقع المختار الإسلامي.